الثلاثاء، 25 أكتوبر 2011

مصريون بعد الثورة

تقريبا منذ أن قامت الثورة ، ولا يكف أحد منا عن مراقبة الآخرين وتصرفاتهم ، ولا أدعي على الإطلاق أن ذلك سلبيا ، بل أفضل من المشي جانب الحائط بعيدا عن ما يفعله الآخرون ، والذي يمكن أن يترتب عليه مستقبلنا.
وباعتبار إني أحدا من هؤلا  ،  لم أكف عن مراقبة حديث من هم حولي بعد الثورة ولو للحظة ، فلا تأتي فرصة عن الحديث عن إنجازات الثورة أو مستقبل البلد إلا وسعيت لإستغلالها بشدة ، لدرجة تبعث الملل في من هم حولي.
ولم ألحظ هذا الإختلاف الكبير الذي يتحدث عنه الآخرون عن المصريين بعد الثورة ، وما ترتب على الملاحظة والنقاش هو تصنيف المصريين إلى ثلاث فرق :

فريقا لا يجد ما هو جديد بعد ١٨ عشر يوما من التظاهر لم يشارك فيهم ، ولا ينوي أن يشارك ، ينقد فقط تصرفات القوى السياسية والمجلس العسكري ، و إذا دعوته إلى المشاركة في الإصلاح على قدر إستطاعته ، يرفض مدعيا أن "ليس له في السياسة" ، لا يريد إلا راحة باله وأمنه في بلده مقدمين على طبق من فضة  ، دون السعي وراءهما.

فريقا آخر لا يفهم معنى كلمة ثورة جيدا ، يظن أنها عبارة عن دعوة للتظاهرات كل جمعة في ميدان التحرير ، أو إصلاحا شاملا في يوم وليلة في كل مجالات الحياة ، تجده لا يسعى إلا لأن يتظاهر بما يطالب به ، ينقد ويقارن حالنا بحال ليبيا و تونس ، تجد مشاعره مختلطة بين حالة من اليأس والأمل.

اما الفريق الثالث فهو من يعمل في صمت ، يعرف أن معنى الثورة لا يقتصر على التظاهر فقط ، و يحاول الإصلاح بقدر ما يستطيع من قوة حتى ولو بأضعف الإيمان ، تجده يعمل  في سبيل خدمة أهدافه التي يؤمن بها ، لا يجعل اليأس يمتلكه أو ينكسر أمام العواقب بسهولة ، فهو يعمل بقدر حبه لهذه البلد ، وبقدر رغبته في رفع شأنها عاليا.

فقط ما جعلني أشعر بقليل من اليأس هو ندرة النوع الأخير وهو ما نحتاجه في كل وقت خصوصا في وقت مثل هذا ، ولم أهتم لوجود الفريق الثاني لأني اعلم أنه سرعان ما تشغله متاعب الحياة و ييأس سريعا ، وحتى أنه إن لم ينفع فلا يضر ، أما الفريق الأول فهم من اغلب ما قابلتهم ، يتمثلون في جميع الطبقات ، لا تستطيع التأثير عليهم بسهولة أو إقناعهم ، لكن لسوء الحظ يحتاجهم الفريق الأخير بشدة فمصر مصراً للثلاث فرق.

لا أعلم إن كان التصنيف أمرا مرغوبا  لكنه ربما يكون موعظة لكل من يقرأ صفات الفريق الأول ويجدها في نفسه فيعلم جيدا أن السفينه  مازالت تميل بسببه ، وهو وحده القادر على تسييرها وإلا غرقت بهم جميعا .

الخميس، 13 أكتوبر 2011

التفكير هو الحل

منذ أن رفع الإخوان شعار "الإسلام هو الحل" ، و أجد من يندد وينقض ويعترض ، و إنهالت إتهامات من أصفهم " بالتفاهة" على الإخوان.

ولم أصفهم بهذا من فراغ , ولكن لمبالغتهم الشديدة في نقد شعار !! وهنا دار في بالي : هل ينجح الإخوان في إنتخابات 2005 بـ 88 مقعدا في مجلس الشعب بسبب التأثير السحري لهذا الشعار على الناس ؟!! 
لا أنكر أن الشعار منافس قوي لأي حزب أو جهة في الانتخابات ضد الإخوان , بل هو قاتل لبعضهم , وأدعو "بعضهم" إلى قراءة  حكم محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة حول شعار الإسلام هو الحل " وهذا جزء منه :

" ومن حيث أن المادة الثانية من دستور جمهورية مصر العربية تنص على أن الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية , ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع وتنص المادة الحادية عشر من القانون رقم38 لسنة 1972م في شأن مجلس الشعب - المستبدلة بالقانون رقم 188 لسنة 1986م- على أن تلتزم الأحزاب السياسية , وكل مرشح لعضوية مجلس الشعب في الدعاية الإنتخابية بالمبادئ التي وافق عليها الشعب في الإستفتاء بتاريخ 20 من إبريل سنة 1979م , وكذلك بالمبادئ المنصوص عليها في المادة الأولى من القانون رقم 33 لسنة 1987م , بشأن حماية الجهة الداخلية , والسلام الإجتماعي , وكذلك بالوسائل و الأساليب المنظمة للدعاية الإنتخابية و بالحد الأقصى للمبالغ التي يجوز إنفاقها عليها , وذلك كله طبقأ للقواعد التي يصدر بها قرار من وزير الداخلية......"

ومن يرى أن الشعار يدعو إلى الفتنة :

 "ومن حيث أن الشعار الإنتخابي موضوع النزاع لا يتضمن سوى الدعوة إلى تطبيق الشريعة الإسلامية , وهذا الهدف هو أحد مقاصد دستور جمهورية مصر العربية الذي نص في مادته الثانية على أن الإسلام دين الدولة ، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع ، وماهذا الشعار إلا دعوة صريحة بتطبيق الشريعة الإسلامية لإصلاح حال الأمة على هدى من هذه الشريعة ، وغنى عن ان الإسلام لا يدعو إلى الفتنة ولا يعتنق العنف سبيلا أو أسلوبا لفرض مبادئه و أفكاره"

وبعيدا تماما عن حكم المحكمة بوقف تنفيذ قرار منع شعار الإسلام هو الحل - المطعون فيه- , أجد أن الإخوان يعتبروا جزءا من النسيج المصري , وإن كانوا يروا أن الإسلام هو الحل , فلا ألوم عليهم , هذه حريتهم الكاملة .
و لا ألوم الإخوان إذا كان دافع رفعهم لهذا الشعار هو فهمهم له من خلال رسالة المؤتمر الخامس من حسن البنا-مؤسس جماعة الإخوان المسلمين- للإخوان يقول:

" نحن نعتقد أن أحكام الإسلام و تعاليمه شاملة تنتظم شؤون الناس في الدنيا و الآخرة ، و أن الذين يظنون أن هذه التعاليم إنما تتناول الناحية العبادية أو الروحية دون غيرها من النواحي مخطئون في هذا الظن ,فالإسلام عقيدة و عبادة , و وطن و جنسية , و دين ودولة ,  و روحانية و عمل , و مصحف و سيف , و القرآن الكريم ينطق بذلك كله و يعتبره من لب الإسلام و من صميمه و يوصي بالإحسان فيه جميعه "

و أيضا : " و إلى جانب هذا أيضا يعتقد الإخوان المسلمون أن الإسلام كدين عام انتظم كل شؤون الحياة في كل الشعوب و الأمم لكل الأعصار و الأزمان , جاء أكمل و أسمى من أن يعرض لجزئيات هذه الحياة و خصوصا في الأمور الدنيوية البحتة , فهو إنما يضع القواعد الكلية في كل شأن من هذه الشؤون , و يرشد الناس إلى الطريق العملية للتطبيق عليها و السير في حدودها .
و لضمان حق الصواب في هذا التطبيق أو تحريهما على الأقل , عني الإسلام عناية تامة بعلاج النفس الإنسانية و هي مصدر النظم و مادة التفكير و التصوير و التشكل , فوصف لها من الأدوية الناجعة ما يطهرها من الهوى و يغسلها من أضرار الغرض و الغاية و يهديها إلى الكمال و الفضيلة , و يزجرها عن الجور القصور العدوان , و إذا استقامت النفس و صفت فقد أصبحت كل ما يصدر عنها صالحا جميلا , يقولون إن العدل ليس في نص القانون و لكنه في نفس القاضي , و قد تأتي بالقانون الكامل العادل إلى القاضي ذي الهوى و الغاية فيطبقه تطبيقا جائرا لا عدل معه , و قد تأتي بالقانون الناقص و الجائر إلى القاضي الفاضل العادل البعيد عن الأهواء و الغايات فيطبقه تطبيقا فاضلا عادلا فيه كل الخير و البر و الرحمة و الإنصاف و من هنا كانت النفس الإنسانية محل عناية كبرى في كتاب الله , و كانت النفوس الأولى التي صاغها هذا الإسلام  مثال الكمال الإنساني , و لهذا كله كانت طبيعة الإسلام  تساير العصور و الأمم , و تتسع لكل الأغراض و المطالب , و لهذا أيضا كان الإسلام  لا يأبى أبدا الاستفادة من كل نظام صالح لا يتعارض مع قواعده الكلية و أصوله العامة"

ويفسد هذا على من يدعى ان الإخوان يحتكرون الإسلام بهذا الشعار و أن غيرهم يمثل الكفر إن كانو هم ممثلي الإسلام , فمن هذا الخطاب نفهم أن الإخوان يعتبرو الإسلام فكرا كالعلمانية و الليبرالية والشيوعية , وإن كان من حق الآخرين أن يعتبروا هذه الأفكار حلا للمجتمعات , فما ضيقهم في أن يكون الفكر الإسلامي حلا ؟!! 

إذا لم تشعر بالملل والضيق من قراءة هذا المقال , و تحملت نفسك قرائته لمرة ثانية , ربما تستنتج عدم دفاعي عن الإخوان , إنما دفاعا عن ديمقراطية وحرية , كما أعتقد أن وقتك أثمن من أن تقرأ مقالا يدور حول مجرد شعار . ولو  سألني أحدا عن سبب كتابتي لهذا المقال , فسأقول أني بصراحة أعتقد ان كل من هاجم هذا الشعار على الساحة لا يهاجمه إلا لأنه لا يجد لنفسه شعارا يحدث "فرقعة" في الشارع المصري مثله وهو يائس وربما خائفا من ألا يجد شعارا يمثله أقوى منه , مما يدعوه إلا تشوية صورة الشعار و المطالبة بإسقاطه , وأنا أقترح عليه أن يتبنى شعار "مصلحتك أولا" ربما ينجح هذه المرة  وهذا مجرد رأى .