الثلاثاء، 30 أغسطس 2011

برقبة من ؟!

فتيات جميلات ، يرتدين ملابس خفيفة ، تجد البراءة والجمال الطبيعي على وجوههن ، كما أنهن لطاف جدا ، يشاغلنك طوال الطريق للتحدث معك ، وأطفال أبرياء ، يلعبون حولك في ضحك وسعادة ليس لها مثيل ، وشيوخ  يبتسمون لك في صبر، وبيوت بسيطة متجاورة ، ربما تعتقد في أول وهلة عند قراءة هذا ، أنه مشهد من قصة خيالية تتحدث عن أميرة جميلة ، أو عن فارس مغوار، لا تتخيل أنك يمكن أن تجد هذا المشهد في نجع فقير في ضواحي مدينه الأسكندرية ، يسمى "نجع العرب" ، فتيات جميلات في سن الخامسة عشر تقريبا يخفي الفقر والضيق هذا الجمال الساحر و تجد في ملامحهن الشقاء والتعب ، يرتدين ملابس خفيفة قديمة بالية ، ويغطين رؤسهن بإيشاربات خفيفة تغطي ما فعل الزمن بشعورهن السوداء ، الناعمة كالحرير ، التي أصبحت كالصوف الخشن من آثار الجوع و الفقر ، يتخللها التراب الأصفر فيعطيها لونا باهتا كلون الزرع اليابس ، لطاف جدا ، لكن الهم يمحي البسمة من على وجوههن و يقتل بداخلهن روح الفكاهة  ، يشاغلنك طوال الطريق بطلبهن الملح للمال ، ويستعطفنك بأقل الكلمات بحثا عن جنيها واحدا ينقذهن من الجوع الذي قارب على دفنهن أحياء ، و أطفال أبرياء يتخيلونك سائح غريب عن البلاد ، فيرقصون فرحا عند رؤيتك ، يلعبون حولك لعلك تعطف عليهم وتعطيهم شيئا كمال أو أكل ، أو حتى تذكار من المكان الغريب الذي أتيت منه ،  وشيوخ بسطاء يبتسمون لك في صبر ، يبحثون في القمامة عن قطعة خبز باقية , متعففين , لا يسألوك مالا أو طعاما،  وبيوت بسيطة بناها أهلها مصنوعة من خشب وطوب , ليس بها كهرباء أو ماء .
ذكرني هذا المشهد بالفاروق عمر عندما قال " ويلك يا عمر لو ان بغلة تعثرت في العراق لسئل عنها عمر لما لم تمهد لها الطريق" ، فماذا عن هؤلاء الذين أصبحوا كالدواب يأكلون ليعيشوا ، لا يعرفون طعم الحياة ، ولا ما يجري فيها ، من سيسأل عنهم يوم القيامة ؟ برقبة من ؟
هل يكفيهم شنطة رمضان المليئة بالسكر والزيت و المكرونة والأرز ؟؟! هل تكفيهم ملابسنا القديمة البالية ؟! هل تكفيهم ظروف الخمسين جنيها ؟؟! هل هذا حقا ما يستحقونه ؟
ليس الغرض من هذا المقال استعطاف قارئه ، أو تذكيرك بقول الحمد لله على ما انعم الله عليك ، لكني أردت فقط أن أذكرك في حق هؤلاء الأشخاص في الحياة ، كما أننا لا يجب أن نحيد عن ما نزلنا من أجله في شوارع البلاد.

 "العدالة الإجتماعية" وهي حلم كل من شارك في ثورة مصر  المباركة ، والآن نجد من يئس من محاكمة مبارك ، و يدعي بذلك فشل الثورة ، وأنا هنا لأذكره أننا لم نقم بالثورة لنحاكم مبارك – وإن كان أمرا ضروريا- ، لكن حقوق هؤلاء الأشخاص في العيشة الكريمة و الرعاية الصحية كان دافعا أقوى للحرص على نجاح الثورة .

وعلينا أن نؤمن أن حقوق هؤلاء الأشخاص ليست مطالبا ، و أن يكون هذا دافعا لتحقيق هذه الحقوق المشروعة ، وننسى قليلا دوافع الثأر وخلافات الرأي ، والثورة ليست هي الحلم ، إنما وسيلة لتحقيق أحلاما لطالما رفعت أيدينا لله بها ، ودمعت أعيننا من أجلها ، وها هو يستجيب لنا  ثم يأتي دورنا لنعمل لها و نتحد لنقضي على الفلول الباقية وننسى ما أطلقنا عليها علمانية وليبرالية وإسلامية ونركز كل جهدنا على "مصرية".

هناك تعليق واحد:

  1. لقد وصفتي المشهد وكانني اراه معك يابسمتي
    امامنا جهد وتعب حتي نحقق ما نصبو اليه من العدالة والحرية والتقدم لبلدنا الحبيبة مصر
    لكننا لابد ان نبدأ من الان ولابد ان يعمل كل فرد منا لنتقدم سريعا
    وفق الله مصرنا الحبيبة لما يحبه ويرضاه وولي علينا من يخافك فينا ويرحمنا

    ردحذف